الفقه الإسلامي - ما يخص الفقه و أصوله - ما يخص الفقه - الحظر و الإباحة
رقم الفتوى 12030
نص السؤال مختصر

حكم متابعة البرامج الساخرة ؟

نص السؤال الكامل
الجواب مختصر
الجواب الكامل

بسم الله والحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد :

أولاً، فالسخرية في الأصل محرمة، لقوله تعالى :{لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِّن قَوْمٍ} [الحجرات : 11]
والسخرية من شخص ليس حاضراً غيبة، والغيبة ذكر الغير في غيبته بما يكره بما هو فيه، وهي في الأصل محرمة لقوله تعالى :{وَلَا يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضاً } [الحجرات : 12]
والغيبة أو السخرية قد تكون بالقول أو الفعل، وبالتلميح أو بشكل مباشر، وكل ذلك محرم.
وتجوز الغيبة في بعض الحالات، عدّها الإمام النووي رحمه الله تعالى في كتابه الأذكار ست، الخامس منها :[ أن يكون مجاهرا بفسقه أو بدعته، كالمجاهر بشرب الخمر، أو مصادرة الناس، وأخذ المكس، وجباية الأموال ظلما، وتولي الأمور الباطلة، فيجوز ذكره بما يجاهر به، ويحرم ذكره بغيره من العيوب، إلا أن يكون لجوازه سبب آخر مما ذكرناه] انتهى.
وجواز غيبة الفاسق مبناه أنه هو من هتك حرمة نفسه بمجاهرته بظلمه، والسخرية منه بما صدر منه من ظلم وفسق وبدعة جائزة لذات السبب، شرط ألا تكون السخرية من خَلقه، إذ الخلق خلق الله عز وجل.

ثانياً، هذه البرامج عادة ما تكون هادفة، فتنبه المتابع على الظلم الحاصل في عدة مجالات كالسياسة والثقافة وغير ذلك، بالإضافة إلى طرح ذلك بطريقة تروح عن نفس المتابع وتحط من قيمة كل من جهر بفسقه، وكل ما سبق محمود لا حرج فيه شرعاً إن لم يكن في البرنامج تكشف عورات.

ثالثاً، بعض البرامج تغلب عليها الغيبة والسخرية المحرمتان، فهذه لا ينبغي مشاهدتها لأن عدوى الروح للروح أسرع وأشد من عدوى الجسد للجسد، فيضر المتابع نفسه باكتساب الخلق السيء دون شعور منه بذلك.

رابعاً، قد تصدر من البرامج الهادفة الساخرة بعض السخرية المحرمة {كالسخرية من شكل الظالم} فيلزم المتابع حينئذٍ إنكار ذلك في قلبه، قال صلى الله عليه وسلم :{ إذا عملت الخطيئة في الأرض كان من شهدها فكرهها - وقال مرة : أنكرها - كان كمن غاب عنها، ومن غاب عنها فرضيها كان كمن شهدها}.

قال صاحب عون المعبود في شرح الحديث :
[(ومن غاب عنها فرضيها كان كمن شهدها) أي: في المشاركة في الإثم وإن بعدت المسافة بينهما] انتهى.
والله تعالى أعلم.

تاريخ النشر بالميلادي 2019/11/16

المفتي


الأستاذ الدكتور محمد مصطفى الزُحَيلي

الأستاذ الدكتور محمد مصطفى الزُحَيلي

السيرة الذاتية
المحتوى الخاص به