استشارات و نصائح - الاستشارات - استشارات متنوعة - الدعوة
رقم الفتوى 11997
نص السؤال مختصر

يعمل في الحرام، ويجمع المال منه، ويقول لاحقا يتوب ويتصدق بجزء من المال، فما الحكم ؟

نص السؤال الكامل

لدي صديق يعمل في مجال الحلاقة النسائية منذ أكثر من عشرة أعوام ، وقال لي : إنه يريد التوبة فسألت له عن حكم الأموال التي جمعها فكان جواب الشيخ أنذاك : إذا أراد التوبة لابد له أن يتبرع بخمس المال فأخبرته بما حدث ، وقال لي إن شاء الله سوف أتوب ، واستمر بالعمل بعد معرفة الحكم والله أعلم هو يريد جمع مبلغ اكبرمن المال ثم التوبة بعد ذلك فما الحكم جزيتم خيراً .

الجواب مختصر

بسم الله والحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد :

فالتوبة ليست الإقلاع عن العمل وحده كما يظن البعض، بل ركنها الندم ، والندم في حقيقته يشمل :
الندم على ما فات والاستغفار لما بدر منه، والعزم على ألا يعود لمثله، وإرجاع الحق لصاحبه إن كان يتعلق بذمة آدمي.
فالندم لا يكون من المصرّ على ذنبه، والإصرار يعمي القلب ويعيقه عن التوبة، بل ويزيده في السوء ، وفي ذلك قال صلى الله عليه وسلم : إن العبد إذا أخطأ خطيئة نكتت في قلبه نكتة سوداء، فإذا هو نزع واستغفر وتاب، سقل قلبه، وإن عاد زيد فيها حتى تعلو قلبه، وهو الران الذي ذكره الله : { كلا بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون }.

وليخش ربه، إذ في خطورة المال الحرام يقول صلى الله عليه وسلم :{ إنَّه لا يربو لحمٌ نبت من سُحْت إلّا كانت النَّار أولى به } رواه التّرمذي.

وما حرصك على صاحبك إلا لطف من الله تعالى ساقه إليه، فليتب وليبدأ حياة جديدة، قال تعالى : {إِلَّا مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَٰئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ ۗ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا} [الفرقان : 70].
ومن لوازم التوبة إن نتج عن الذنب مال أن يتخلص منه بالكامل، ويترك لنفسه بقدر حاجته هو ومن تجب عليه نفقتهم، ونقل النووي عن الغزالي - رحمهما الله تعالى - قوله : وله أن يتصدق به على نفسه وعياله إذا كان فقيراً لأن عياله إذا كانوا فقراء

فالوصف موجود فيهم بل هم أولى من يتصدق عليه وله هو أن يأخذ منه قدر حاجته لأنه أيضاً فقير ، وهذا الذي قاله الغزالي في هذا الفرع ذكره آخرون من الأصحاب وهو كما قالوه ونقله الغزالي أيضا عن معاوية بن أبي سفيان وغيره من السلف عن أحمد بن حنبل والحارث المحاسبي وغيرهما من أهل الورع لأنه لا يجوز إتلاف هذا المال ورميه في البحر فلم يبق إلا صرفه في مصالح المسلمين والله سبحانه وتعالى أعلم} انتهى من المجموع.
نسأل الله أن يجتبيه مما هو فيه وأن يرزقه الرزق الحلال الطيب.
والله تعالى أعلم.

 

الجواب الكامل
تاريخ النشر بالميلادي 2019/11/11

المفتي


الأستاذ الدكتور محمد مصطفى الزُحَيلي

الأستاذ الدكتور محمد مصطفى الزُحَيلي

السيرة الذاتية
المحتوى الخاص به