الفقه الإسلامي - العبادات و ما يلحق بها - ما يلحق بالعبادات - الأدعية و الرقائق و الأذكار
رقم الفتوى 11975
نص السؤال مختصر

هل تصل صلاتنا على رسول الله إليه صلوات ربي عليه، أم ذلك فقط لمن زار قبره ؟ وهل الرسول صلى الله عليه وسلم حي في قبره ويسمع من يزوره ؟

نص السؤال الكامل
الجواب مختصر
الجواب الكامل

بسم الله والحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد :

أولاً، قال صلى الله عليه وسلم : ما من أحد يسلم علي إلا رد الله علي روحي حتى أرد عليه السلام.
وهذا يكون لأي مسلم في أي مكان كان، ولا يشترط لذلك كون المصلي عليه عند قبره صلى الله عليه وسلم.

ثانياً، الرسول صلى الله عليه وسلم قد مات وغُسّل وصلي عليه ودُفن، والصحابة مجمعون على ذلك، وفي قطعية موته عدة نصوص، منها قوله تعالى : {إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُم مَّيِّتُونَ} [الزمر : 30]، وقوله عز وجل :{وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِّن قَبْلِكَ الْخُلْدَ ۖ أَفَإِن مِّتَّ فَهُمُ الْخَالِدُونَ} [الأنبياء : 34]


ويقول الشيخ سلمان بن سحمان في ذلك :[ومن المعلوم أنه لم يكن صلى الله عليه وسلم حياً في قبره كالحياة الدنيوية المعهودة التي تقوم فيها الروح بالبدن وتدبره وتصرفه؛ ويحتاج معها إلى الطعام والشراب واللباس والنكاح وغير ذلك؛ بل حياته صلى الله عليه وسلم حياة برزخية.] انتهى من كتابه الصواعق.

وهي كحياة إخوانه من الأنبياء وقد لقي بعضهم - صلوات الله عليهم أجمعين - حين عُرج به إلى السماء.
فإن قيل يلزم من ذلك أن تُرَدّ عليه روحه صلى الله عليه وسلم إلى يوم القيامة، لعدم انقطاع من يصلي عليه في مشارق الأرض ومغاربها، قلنا لا نعلم حقيقة ذلك وكيفية رد الروح، وكما قيل إن أمور الآخرة لا تدرك بالعقل وأحوال البرزخ أشبه بأحوال الآخرة، غير أننا نجزم كما سبق أنه صلى الله عليه وسلم ليس حياً كما كان حياً في دنياه.

ثالثاً، اختلف العلماء في سماع الموتى في قبورهم على قولين، منهم من قال الأصل أن الأموات لا يسمعون، لقوله تعالى :{وَمَا أَنتَ بِمُسْمِعٍ مَّن فِي الْقُبُورِ} [فاطر : 22] إلا ما ورد الشرع باستثنائه، كسماع قتلى المشركين خطاب رسول الله صلى الله عليه وسلم لهم، ولا يُصار إلى القول بأنهم يسمعون إلا إن نص الوحي على ذلك لأنه من الأمور الغيبية التي ليس للعقل الاجتهاد فيها، وقالوا أما رسول الله صلى الله عليه وسلم فرد روحه عند الصلاة عليه لا دليل فيه أنه يسمع كل كلام غير الصلاة عليه.

وآخرون قالوا بل النصوص تدل على أنهم يسمعون ومنها بأن الميت إذا وضعه أصحابه في قبره وتولوا سمع قرع نعالهم، وأن أمره صلى الله عليه وسلم بالسلام على الموتى يدل على أنهم يسمعون، وقد صنف الإمام ابن كثير رسالة في نصرة هذا القول.

فمن وقف على قبر ميته وأراد تحديثه بما يُذهب حزنه جاز له ذلك، ولكن ليعلم أن الميت لن ينفعه ولن يضره، وإن كان رسول الله صلى الله عليه وسلم، بل قد يكون لا يسمعه أصلاً كما سبق.
وسبق أنه يحرم الطلب من الميّت والاستغاثة به، وإن كان نبيّاً، وأنه شركٌ إن اعتقد أنَّ المدعوَ ينفع أو يضرُّ من دون الله.
والله تعالى أعلم.

تاريخ النشر بالميلادي 2019/11/07

المفتي


قسم الإفتاء

قسم الإفتاء

المحتوى الخاص به