بسم الله، والحمدلله ،والصّلاة والسّلام على رسول الله، أمّا بعدُ :
أولاً : فيما يتعلق بنجاسة بول الإبل هذه المسألة مندرجة في حكم بول الحيوان المأكول لحمه ، ومنه الإبل وقد اختلف العلماء على مذهبين : المذهب الأول : إنَّ بول الحيوان المأكول لحمه نجس.وهو المعتمد عند الحنفية والشافعية والظاهرية المذهب الثاني : إنَّ بول الحيوان المأكول لحمه طاهر ؛ وبه قال المالكية والحنابلة ، ومحمد بن الحسن وزفر من الحنفية والراجح أنه نجس للأدلة الآتية : 1- قوله تعالى: (وَإِنَّ لَكُمْ فِي الأَنْعَامِ لَعِبْرَةً نُّسْقِيكُم مِّمَّا فِي بُطُونِهِ مِن بَيْنِ فَرْثٍ وَدَمٍ لَّبَناً خَالِصاً سَآئِغاً لِلشَّارِبِينَ ) وجه الدلالة: إنَّ الله سبحانه أنعم علينا بإخراج اللبن من بين فرث ودم، وفائدة الامتنان إخراج طاهر من بين نجسين 2- ـ قوله تعالى : ( وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ ) وجه الدلالة: من المعلوم أنَّ الطباع السليمة تستخبث البول مطلقاً ، وتحريم الشيء لا لاحترامه وكرامته تنجيس له شرعاً 3- ـ عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: مَرَّ النبي صلى الله عليه وسلم بقبرين فقال: ( إنهما ليعذبان وما يعذبان في كبير، أما أحدهما فكان لا يستتر من البول وأما الآخر فكان يمشي بالنميمة) {متفق عليه :رواه البخاري ومسلم في صحيحيهما . وجه الدلالة: إنَّ هذا الحديث قد عم جنس البول ولم يخصه ببول الإنسان ولا أخرج عنه بول المأكول
ثانياً : وبما أن أبوال الإبل نجسة فيترتب عليه حرمة شربها ، وحتى الذين قالوا بطهارتها فإنهم لم يبيحوا شربها لغير ضرورة العلاج . وأما الحديث الصحيح الذي رواه البخاري ومسلم عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ ، قَالَ : " قَدِمَ أُنَاسٌ مِنْ عُكْلٍ أَوْ عُرَيْنَةَ ، فَاجْتَوَوْا المَدِينَةَ ، فَأَمَرَهُمُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِلِقَاحٍ ، وَأَنْ يَشْرَبُوا مِنْ أَبْوَالِهَا وَأَلْبَانِهَا ) فهذا حديث خاص ولحالة خاصة ، وهو من باب ضرورة العلاج ، كضرورة إباحة الميتة لمن خاف على نفسه الموت .
والله تعالى أعلم |