الفقه الإسلامي - العبادات و ما يلحق بها - ما يلحق بالعبادات - الذبائح و الأطعمة و الأشربة
رقم الفتوى 11830
نص السؤال مختصر

حكم اللحوم المعروضة في أسواق ومطاعم الدول الأوربية ؟

نص السؤال الكامل
الجواب مختصر
الجواب الكامل

بسم الله والحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد :
فقد جاء في قرار مجلس الإفتاء الأوربي :
[الأمر الأول: تأكيد ما انتهى إليه قرار مجمع الفقه الإسلامي الدولي “قرار رقم 95 (3/10)” في النقاط الآتية:

أولاً: التذكية الشرعية تتم بإحدى الطرق التالية:

الذبح، ويتحقق بقطع الحلقوم والمريء والودجين. وهي الطريقة المفضلة شرعاً في تذكية الغنم والبقر والطيور ونحوها، وتجوز في غيرها.
النحر، ويتحقق بالطعن في اللَّبَّة، وهي الوهدة (الحفرة) التي في أسفل العنق، وهي الطريقة المفضلة شرعاً في تذكية الإبل وأمثالها، وتجوز في البقر.
العقر، ويتحقق بجرح الحيوان غير المقدور عليه في أي جزء من بدنه، سواء الوحشي المباح صيده، أو المتوحش من الحيوانات المستأنسة. فإن أدركه الصائد حياً وجب عليه ذبحه أو نحره.


ثانياً: يشترط لصحة التذكية ما يلي:

أن يكون المذكي بالغاً أو مميزاً، مسلماً أو كتابياً (يهودياً أو نصرانياً)، فلا تؤكل ذبائح الوثنيين، واللادينيين، والملحدين، والمجوس، والمرتدين، وسائر الكفار من غير الكتابيين.
أن يكون الذبح بآلة حادة تقطع وتَفري بحدها، سواء كانت من الحديد أم من غيره مما ينهر الدم، ما عدا السن والظفر. فلا تحل المنخنقة بفعلها أو بفعل غيرها، ولا الموقوذة: وهي التي أزهقت روحها بضربها بمثل (حجر أو هراوة أو نحوهما)، ولا المتردية: وهي التي تموت بسقوطها من مكان عال، أو بوقوعها في حفرة، ولا النطيحة: وهي التي تموت بالنطح، ولا ما أكل السبع: وهو ما افترسه شيء من السباع أو الطيور الجارحة غير المعلمة المرسلة على الصيد. على أنه إذا أُدرك شيء مما سبق حياً حياة مستقرة فذُكي جاز أكله.
أن يذكر المذكي اسم الله تعالى عند التذكية. ولا يكتفى باستعمال آلة تسجيل لذكر التسمية، إلا أن من ترك التسمية ناسياً فذبيحته حلال.

ثالثاً: للتذكية آداب نبهت إليها الشـريعة الإسلامية للرفق والرحمة بالحيوان قبل ذبحه، وفي أثناء ذبحه، وبعد ذبحه: فلا تحد آلة الذبح أمام الحيوان المراد ذبحه، ولا يذبح حيوان بمشهد حيوان آخر، ولا يذكى بآلة غير حادة، ولا تعذب الذبيحة، ولا يقطع أي جزء من أجزائها، ولا تسلخ ولا تغطس في الماء الحار ولا ينتف الريش إلا بعد التأكد من زهوق الروح.

رابعاً: ينبغي أن يكون الحيوان المراد تذكيته خالياً من الأمراض المعدية، ومما يغير اللحم تغييراً يضر بآكله، ويتأكد هذا المطلب فيما يطرح في الأسواق، أو يستورد.

خامساً: الأصل في التذكية الشرعية أن تكون بدون تدويخ للحيوان؛ لأن طريقة الذبح الإسلامية بشروطها وآدابها هي الأمثل، رحمة بالحيوان وإحساناً لذبحته وتقليلاً من معاناته، ويُطلب من الجهات القائمة بالذبح أن تطور وسائل ذبحها بالنسبة للحيوانات الكبيرة الحجم، بحيث تحقق هذا الأصل في الذبح على الوجه الأكمل. (انتهى قرار مجمع الفقه الإسلامي).

الأمر الثاني: بما أن الأصل في الذبح الشرعي أن يكون بلا تدويخ ولا صعق، إلا أنه في حال صعوبة تحقيق ذلك فإنه يشترط ألا يؤدي التدويخ أو الصعق إلى موت الحيوان قبل تذكيته] انتهى باختصار.

وأورد مجلس الإفتاء الأوربي الحكم على اللحوم المعروضة في الأسواق الأوربية ومطاعمها في قرار آخر، إذ قال :
[بعد استعراض طرائق الذبح المتبعة وما يتضمنه الكثير منها من مخالفات شرعية تؤدي إلى موت عدد غير قليل من الحيوانات، لا سيما الدجاج فقد قرر المجلس عدم جواز تناول لحوم الدواجن والأبقار، بخلاف الأغنام والعجول الصغيرة فإن طريقة ذبحها لا تتنافى مع شروط الذكاة الشرعية في بعض البلدان. هذا ويوصي المجلس أن يتخذ المسلمون في ديار الغرب مذابح خاصة بهم حتى ترتاح ضمائرهم ويحافظوا على شخصيتهم الدينية والحضارية] انتهى.


ومعلوم أن قرارات المجامع الفقهية أدق من حيث معرفتها للواقع من أفراد الفقهاء، ثم إن هذا القرار شمل دراسة واقع جميع الدول الأوربية كما دلت عليه صياغة القرار، ولكن يُستدرك عليهم من ناحية الحكم أنهم لم يذكروا أي البلدان يجوز أكل الأغنام والعجول الصغيرة فيها، واكتفوا بذكر كلمة {بعض البلدان}، وطالما جهلنا هذه البلدان فيبقى الحكم على التحريم لأن الحكم للغالب.
ثم وإن علمنا أي البلدان هذه ، فيبقى في القلب شيء تجاه هذه الذبائح، لانتشار الإلحاد بينهم بشكل كبير جداً، بل أكاد أقول بالتحريم من هذه الجهة أيضاً لو ثبت عندي إلحاد أكثرهم أو نصفهم، لأن الحكم للغالب، ولأنه إن اجتمع الحلال والحرام غُلّب الحرام.


أخيراً، فإن المسلمين مكتفون بفضل الله بذبائح الأتراك والسوريين وغيرهم إذ الكثير من المتاجر المسلمة افتُتحت في الآونة الأخيرة في أكثر الدول الأوربية، وتشكيك البعض بذبحهم لا يحرّم لحومهم إلا إن ثبت يقيناً أنهم يذبحون ذبحاً غير شرعي فإن لم يثبت اعتُمد قولهم بأنها حلال كما هو ملصق على منتجاتهم، ولا يجوز الطعن بالظن دون اليقين.
ويُنصح بأن يذبح المسلمون بأيديهم، كأن تشترك عدة أسر بذبيحة واحدة كما هو الحال في بعض البلدان، فيستبرئون لدينهم وترتاح ضمائرهم وتطمئن قلوبهم.
والله تعالى أعلم.

تاريخ النشر بالميلادي 2019/10/14

المفتي


الأستاذ الدكتور محمد مصطفى الزُحَيلي

الأستاذ الدكتور محمد مصطفى الزُحَيلي

السيرة الذاتية
المحتوى الخاص به