بسم الله والحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد : فإن الفتوى تبنى على فقه الدليل وفقه الواقع، فمن جهل أحدهما أخطأ الصواب بلا شك، ويستحسن كون المفتي في البلد التي يُفتي أهلها ولا يُشترط، لأنه يكفيه معرفة الواقع، فالفقيه يتعاون مع المختص في العلوم الأخرى لإصدار الفتوى، كتعاونه مع الطبيب في القضايا الطبية، ومع الاقتصادي في القضايا المالية، وغير ذلك، إذ المختصون أعلم بالواقع من الفقهاء، وعلى هذا العمل في المجامع الفقهية حول العالم، وخلاصة ما سبق أنه لا علاقة للمكان بالفتوى، بل بمعرفة الواقع. وينبغي على المستفتي أن يشخص الواقع بموضوعية، دون أن يميل في عرضه للواقع بما يجعل الفقيه يفتيه بما يتمنى، ومن فعل ذلك فقد خان الأمانة، وعليه إثم كل من عمل بالفتوى إلى يوم القيامة. أما عن اختلاف الفتوى من بلد لآخر فهذا ممكن، وليس في كل الحالات، وإن اختلفت الفتوى فيعود السبب لاختلاف واقع كل من البلدين، كالعرف والقوانين الوضعية وغير ذلك، لذا ينبغي التنبه على نص الفتوى والتمعن في السؤال والإجابة لمعرفة هل تنطبق الفتوى على القارئ أم لا ؟ وأما إن اختلف فقيهان في فتوى أحدهما مقيم في بلد المستفتي وآخر خارجها فإما يكون لجهل أحدهما بالواقع أو لكونه من الخلاف الفقهي المشروع، وسبق كونه لا يشترط كون من أفتى بعيداً عن بلد المستفتي أن يكون جاهلاً بالواقع، كما لا يُشترط أن يكون الفقيه المقيم في بلد المستفتي عالماً بالواقع {بدقة}، وسبق ذكر صفات العالِم الذي يصح أن يُستفتى، وكيف يتعامل المسلم مع اختلاف الفقهاء عند تعارض أقوالهم، وهل يلزمه التقيد بمذهب معين أم لا في الفتوى رقم 11170 نسأل الله التوفيق لنا ولكم. والله تعالى أعلم. |