بسم الله والحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد : فقد قرر مجمع الفقه الإسلامي الدولي فيما يتعلق بهذه المسألة ما يلي : أولا : لا يجوز إصدار قانون عام يحد من حرية الزوجين في الإنجاب . ثانيا : يحرم استئصال القدرة على الإنجاب في الرجل أو المرأة ، وهو ما يعرف بالإعقام أو التعقيم ، ما لم تدع إلى ذلك الضرورة بمعاييرها الشرعية . ثالثا: يجوز التحكم المؤقت في الإنجاب بقصد المباعدة بين فترات الحمل ، أو إيقافه لمدة معينة من الزمان ، إذا دعت إليه حاجة معتبرة شرعاً ، بحسب تقدير الزوجين عن تشاور بينهما وتراض ، بشرط ألا يترتب على ذلك ضرر ، وأن تكون الوسيلة مشروعة ، وأن لا يكون فيها عدوان على حمل قائم " انتهى.
ومن أدلة جواز التحكم المؤقت بالإنجاب الحديث : {كُنَّا نَعْزِلُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَبَلَغَ ذَلِكَ نَبِيَّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ؛ فَلَمْ يَنْهَنَا}. والعزل هو إنزال المني خارج فرج المرأة.
ومع القول بالجواز فإنه مكروه ، لسؤال الصحابة الرسول صلى الله عليه وسلم عن العزل فقال :{ذَلِكَ الْوَأْدُ الْخَفِيُّ}.
ومجمل القرار جواز استخدام موانع الحمل المؤقتة بثلاثة شروط : 1- ألا يسبب ضرراً على النفس أو على الغير { كالجنين إن كانت حاملاً }، لقوله صلى الله عليه وسلم : لا ضرر ولا ضرار. 2- أن يكون عن تراض بينهما، لأن لكل منهما الحق في الإنجاب، فلا يحق لأحدهما أن يمنع الآخر إن كان الآخر يريد الإنجاب. 3- أن تكون الوسيلة مشروعة، فإن كانت تستلزم كشفاً للعورات مثلاً لم تبح إلا لحاجة معتبرة شرعاً أَو ضرورة {كأن يسبب الحمل ضرراً وماشابه} لقوله صلى الله عليه وسلم :{احْفَظْ عَوْرَتَكَ إِلَّا مِنْ زَوْجَتِكَ}.
وأما عن اللولب فلا يعد إخراجه للبويضة الملقحة أو غير الملحقة إجهاضاً، إذ النطفة لا تستقر في الرحم.
والواقع أن الكثير من الناس تأبى الإنجاب خشية الفقر، والله تعالى يقول :
{وَكَأَيِّن مِّن دَابَّةٍ لَّا تَحْمِلُ رِزْقَهَا اللَّهُ يَرْزُقُهَا وَإِيَّاكُمْ ۚ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} [العنكبوت : 60] قال ابن كثير في تفسيره : [( وكأين من دابة لا تحمل رزقها ) أي : لا تطيق جمعه وتحصيله ولا تؤخر شيئاً لغد ، ( الله يرزقها وإياكم ) أي : الله يقيض لها رزقها على ضعفها ، وييسره عليها ، فيبعث إلى كل مخلوق من الرزق ما يصلحه ، حتى الذر في قرار الأرض ، والطير في الهواء والحيتان في الماء] انتهى.
وليكثر الزوجان من الدعاء بقولهم : {رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا} [الفرقان : 74] والله تعالى أعلم. |