الفقه الإسلامي - ما يخص الفقه و أصوله - ما يخص الفقه - أسئلة لاتتعلق بحكم
رقم الفتوى 11794
نص السؤال مختصر

كيف يختلف الفقهاء فيما بينهم وشرع الله واحد ؟

نص السؤال الكامل
الجواب مختصر
الجواب الكامل

بسم الله والحمدلله والصلاة والسلام على رسو ل الله، أما بعد :
فإن كل علم { ديني أو دنيوي } يحتوي على قسم متفق عليه بين علمائه، وقسم مختلف فيه، وتختلف العلوم الشرعية عن غيرها بأن مصدرها الوحي الإلهي المتمثل في القرآن الكريم والسنة المشرفة،

والأحكام الشرعية قسمان :
الأول والأهم هو متفق عليه ولا يصح الاجتهاد به ولا الاختلاف ، وهو ما ثبت بدليل قطعي الثبوت والدلالة كأركان الإسلام وأصول العبادات والمعاملات وأمور الدين الضرورية وغيرها ، وهي ثابتة في كل زمان ومكان منذ زمن البعثة وحتى تقوم الساعة ، والقسم الثاني في الفروع والجزئيات ومما يقبل الاجتهاد وتعدد الآراء ، وهو من نعم الله وفضله ، و فيه رحمة بالناس.
والناس في الفقه قسمان، مجتهدون ومقلدون، أما المجتهدون فهم العلماء الذين بلغوا مرتبة من العلم تؤهلهم لاستنباط الأحكام الفقهية، والمجتهدون مراتب، والمطلوب منهم شرعاً بذل الجهد للوصول للصواب، بعدئذ أصابوا الحق أم أخطؤوه، اتفقوا أم اختلفوا لم يضرهم، وذلك لأن الله عز وجل لو أراد ألا يختلفوا لأغلق باب الاجتهاد ولنص على الأحكام الفقهية التي يحتاج إليها الناس إلى يوم القيامة بما لا مجال فيه للنقاش، ولكنه حث تعالى على الاجتهاد، إذ قال صلى الله عليه وسلم :

{ إِذَا حَكَمَ الْحَاكِمُ فَاجْتَهَدَ فَأَصَابَ فَلَهُ أَجْرَانِ، وَإِذَا اجْتَهَدَ فَأَخْطَأَ فَلَهُ أَجْرٌ }، فنلاحظ أنه أخطأ ولكنه نال أجر الجهد الذي بذله، بينما الذي أصاب نال أجر الجهد المبذول وأجر إصابة الحق، وهو حث واضح وصريح على الاجتهاد، ولكن إن لم يبذل المجتهد جهده في تحصيل العلم واستنباط الحكم وقال بلا علم أثم قطعاً، قال صلى الله عليه وسلم :{ الْقُضَاةُ ثَلَاثَةٌ : وَاحِدٌ فِي الْجَنَّةِ، وَاثْنَانِ فِي النَّارِ، فَأَمَّا الَّذِي فِي الْجَنَّةِ فَرَجُلٌ عَرَفَ الْحَقَّ فَقَضَى بِهِ، وَرَجُلٌ عَرَفَ الْحَقَّ فَجَارَ فِي الْحُكْمِ فَهُوَ فِي النَّارِ، وَرَجُلٌ قَضَى لِلنَّاسِ عَلَى جَهْلٍ فَهُوَ فِي النَّارِ }.

أما المقلدون فهم عامة الناس ممن لم يتخصصوا في الفقه، والمطلوب منهم اتباع من يثقون بدينه وعلمه، قال تعالى :

{ فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ } [الأنبياء : 7]
وسبق بيان { صفات العالِم الذي يصح أن يُستفتى، وكيف يتعامل المسلم مع اختلاف الفقهاء عند تعارض أقوالهم، وهل يلزمه التقيد بمذهب معين } في هذه الفتوى 11170 ، ويأثم المقلد إن سأل غير أهل الاختصاص، قال تعالى :{ فَلَا تَتَّبِعُوا الْهَوَىٰ } [النساء : 135]


أما عن أسباب اختلاف الفقهاء فالحديث عن شرحها يطول وقد ألفت فيها الكتب، وقد ذكرت ملخص ذلك في كتابي الوجيز في أصول الفقه المجلد الأول وذكرت عدة مراجع لمن أراد التوسع، وهناك كتيب صغير نافع لابن تيمية سماه { رفع الملام عن الأئمة الأعلام } وهو متوفر على الشابكة لمن أراد.
والله تعالى أعلم.

.

تاريخ النشر بالميلادي 2019/10/03

المفتي


الأستاذ الدكتور محمد مصطفى الزُحَيلي

الأستاذ الدكتور محمد مصطفى الزُحَيلي

السيرة الذاتية
المحتوى الخاص به