الفقه الإسلامي - الأحوال الشخصية - الزواج - أحكام الزواج والأسرة
رقم الفتوى 11789
نص السؤال مختصر

مشكلة الشاب التي تتوق نفسه للزواج ويقيم في دول الغرب، والذي يدرس ولما يعمل بعد، ويتاح له الزواج من النساء الأجانب ، عرض للواقع وحل مقترح.

نص السؤال الكامل
الجواب مختصر
الجواب الكامل

بسم الله والحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد :
فالحق أن هذه مشكلة الأغلب الأعم من الشباب غير المتزوجين في دول الغرب.
ولدينا خياران :
الأول، تأجيل الزواج والصبر إلى أن تتحسن أوضاعك، والثاني، الزواج.
ولا شك أن الثاني هو الأرجح في ظل الظروف المحيطة بك.
الآن أيهما الأنسب، الزواج من عربية أم من أجنبية ؟
يتعلق الجواب بأمرين اثنين :
أولهما، الإمكانية : وتشمل الإمكانية المادية والجسدية، والمادية تشمل تكاليف الزواج والعمل.
أما تكاليف الزواج, فالأجنبية لا مهر لها، وتتقاسم معه تكاليف العرس.

أما العربية فمهرها في هذه الدول متفاوت، البعض يطلب أربعة آلاف يورو وهو مقبول وخاصة إن كان نصفه مؤخر غير مقبوض، وبعضهم يطلب عشرة آلاف أو أكثر وهي تجارة سوء إن كان الشاب فقيراً واستحكمته أسرة الفتاة، وبعضهم لا يطلب مهراً مطلقاً كبعض الجالية الشيشانية إذ يزوجون الشاب على ما معه من القرآن.

وأما العمل، فالأجنبية لا تشترط أن يعمل زوجها، بل يهمها أنه كاف نفسه سواء يدرس أو يعمل، وخاصة أن الدارس في هذه الدول يحصل على مساعدة مالية تكفيه أو تكاد تكفيه، وتتقاسم معه نفقة البيت.

أما العربية أو المسلمة فيجب على الزوج أن ينفق عليها { كذا الأجنبية غير المسلمة لكن تلك تسقط حقها من النفقة}، ولا يقبل أهلها الشاب الذي لا يعمل لعدم تمكنه من الإنفاق عليها، وحُق لهم ذلك.

والسبيل للزواج من الأجنبية محفوف بالمحرمات، إذ لا يتزوجون إلا بعد الكثير من المخالفات الشرعية.

أما العربية فتدخل لبيتها بكل عز تطلب يدها من أبيها وتنظر لها وتكلمها وليس لأحد أن ينتقصك بكلمة.

َثانيهما، غايتك من هذه الحياة، فإن كان الشاب همه الطعام والشراب وإشباع شهواته فمصيبته عظيمة، فهذا تليق به الأجنبية غير المسلمة.

وإن كان همه أن يسلَم له دينه ودين زوجته وذريته وألا ينقطع عمله بموته فلا تليق به إلا المتدينة من فتيات المسلمين.

وهذا لا يكون إلا لمن نوى الخروج للإقامة ببلد إسلامي ولو بعد حين، أما من فُتن بالغرب ونوى الإقامة فيها بقية عمره { سواء تزوج من مسلمة متدينة أو غير مسلمة } فقد حكم على نفسه بالهلاك شاء من شاء وأبى من أبى.

والذي ننصح به { حسب المصالح والمفاسد القريبة والبعيدة }:
أن تتجه مباشرة نحو العمل، وهو الآن أولى من دراستك، ويمكنك العمل كعامل إنتاج أو عامل مستودع أو في التنظيف، والعمل شرف مهما كان طالما يدر على صاحبه المال الحلال الطيب، ثم ابحث عن متدينة تعينك على دنياك وآخرتك، فالأسرة التي ترفضك لعملك فاشكر الله أنه حال بينك وبينها لأن الزواج منهم يضر ولا ينفع، كذا من ينظر لمهر ابنته على أنه مغنم، وابحث ستجد إن شاء الله إن كنت تعمل وإن كنت على خلق ودين { كما وجد غيرك }.
ولا يُقال العمل دون شهادة شاق إذ المتعارف عليه كون أغلب الأعمال في دول الغرب شاقة ومتعبة وإن كان ظاهر الأمر غير ذلك، وهذا يعلمه كل عامل عندهم.
ثم عليك بالتفكير والتخطيط لخروجك من هذه البلاد إلى بلد تأمن فيه على دينك ودين ذريتك.

فإن لم تجد الفتاة المناسبة، فلتخطب لك والدتك من الشام ولك أن تكلم الفتاة بأدب كتابة أو صوت وصورة بحجابها، ويمكنك أن تأتي بها بموجب عقد عملك.

وزواجك بالمتدينة المسلمة وتضررك بالتكاليف وصعوبة تعلم اللغة وإيجاد العمل أقل ضرراً - قطعاً - من الزواج بغير المسلمة، بل يعود عليك زواجك بالمتدينة الخير الكبير عاجلاً وآجلاً، وهذا يعرفه كل من رزق بالزوجة الصالحة، قال صلى الله عليه وسلم : من سعادةِ ابنِ آدمَ ثلاثةٌ ، ومن شِقوةِ ابنِ آدمَ ثلاثةٌ : من سعادة ابنِ آدمَ المرأةُ الصالحةُ ، والمسكنُ الصالحُ ، والمركبُ الصالحُ ، ومن شِقوةِ ابنِ آدمَ المرأةُ السوءُ ، والمسكنُ السُّوءُ ، والمركبُ السُّوءُ

أكثر من الدعاء في جوف الليل والصدقة على هذه النية، وأخبر من حولك من الأسر المسلمة كي تساعدك في البحث عنها، قال صلى الله عليه وسلم : استعن بالله ولا تعجز.

أخيراً فإن ما سبق خرج مخرج التغليب لا التعميم، ولا شك قد توجد حالات مغايرة لما ذكر.

ثم اعلم أنه لن ينجيك من حالك هذا إلا جبار السماوات والأرض، فالزم بابه، ومن أدمن قرع الباب يوشك أن يلج.
نسأل الله أن يجبر خاطرك بزوجة صالحة جميلة موافقة ترضيك في الدنيا والآخرة، وأن يحفظ عليك دينك.
والله تعالى أعلم.

تاريخ النشر بالميلادي 2019/09/30

المفتي


الأستاذ الدكتور محمد مصطفى الزُحَيلي

الأستاذ الدكتور محمد مصطفى الزُحَيلي

السيرة الذاتية
المحتوى الخاص به