الفقه الإسلامي - ما يخص الفقه و أصوله - ما يخص الفقه - أسئلة لاتتعلق بحكم
رقم الفتوى 11773
نص السؤال مختصر

كيف أقي نفسي من الصدمات النفسية ؟

نص السؤال الكامل
الجواب مختصر
الجواب الكامل

بسم الله والحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد :
فإن المناعة النفسية يحتاجها كل إنسان، لأن حياته مبناها الابتلاء، قال تعالى :

{وَلَنَبْلُوَنَّكُم بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ ۗ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ} [البقرة : 155]، وإن تقصير المرء في تحصين نفسه يعرضه للصدمات النفسية التي يحتاج لشهور بل لسنوات للعلاج منها، بالإضافة لآثارها الكارثية التي تودي بحاضره ومستقبله في الهاوية، بل قد تُدمر إيمانه وتودي به في مهالك الإلحاد.
ومما أرى أنه يساعد في تكوين المناعة النفسية عدة أمور :
أولاً، التفكير ورؤية الواقع بموضوعية : أي توقع كل الاحتمالات الممكنة، الأفضل والأسوأ معاً، كي لا تكون النتائج صادمة، فمن تظن أن والدها سيعيش أربعين عاماً بعد اليوم، ثم فجأه الموت ستُصعق بلا شك، كذا من ولدت مؤخراً وتظن أن طفلها لن يموت قبل الستين من العمر، فقد يموت بعد أسبوع، كذا من يظن أن أعضائه ستسلَم له أبد الدهر، فقد يُبتر أحدها فجأة، ولا يُقصد من كل ذلك العيش بحزن وخوف، فتوقع السيء دون تفريط أو إفراط لا يعدو أن يُخرج الوهم من القلب ويُري الأشياء على حقيقتها.
ثانياً، العلم أن الفقدان مصير كل شيء، وهذا مما يُعين القلب على ألا يتعلق بالغير.
ثالثاً، فعل المأمورات وترك المنهيات والإكثار من النوافل، والنوافل تشمل كل عمل صالح، فكثرة الذكر تورث الطمأنينة،قال تعالى :{الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللَّهِ ۗ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ} [الرعد : 28]، وأفضل الذكر تلاوة كتاب الله بتدبر،لذا نرى الصالحين عندما تنزل بهم مصيبة كانوا من الذين { قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ (156) أُولَٰئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ ۖ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ (157)} [البقرة : 156-157]
ولا شك أنها مرتبة عالية جداً أن يكون أول ما يتلفظ به العبد إنا لله وإنا إليه راجعون، إذ يذهل المرء بمصيبته عن ربه إلا من كان قد لزم بابه تعالى قبل ذلك، لذا جاء في الصحيح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر بامرأة تبكي عند قبر، فقال : " اتقي الله واصبري ". قالت : إليك عني فإنك لم تصب بمصيبتي، ولم تعرفه. فقيل لها : إنه النبي صلى الله عليه وسلم فأتت باب النبي صلى الله عليه وسلم، فلم تجد عنده بوابين، فقالت : لم أعرفك. فقال : " إنما الصبر عند الصدمة الأولى.
وإن نزلت بأحدنا مصيبة - نسأل الله السلامة لنا ولكم - فليهرع إلى الصلاة، قال تعالى :

{وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ ۚ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ} [البقرة : 45].
نسأل الله العافية ظاهراً وباطناً.
والله تعالى أعلم.

تاريخ النشر بالميلادي 2019/09/26

المفتي


الأستاذ الدكتور محمد مصطفى الزُحَيلي

الأستاذ الدكتور محمد مصطفى الزُحَيلي

السيرة الذاتية
المحتوى الخاص به