بسم الله، والحمدلله ،والصّلاة والسّلام على رسول الله، أمّا بعدُ :
لا شك أن الأمة الإسلامية مرت بأدوار مختلفة من الازدهار والانحطاط، وذلك بحسب قربها أو بعدها من الفقه الحقيقي لدين الإسلام .
ولقد أتى زمان على الناس ظنوا فيه أن الزهد المطلوب يعني الفقر والفاقة، والتوكل المطلوب يعني التواكل وترك الأسباب، والتواضع المطلوب يعني الذلة والصغار وهكذا .
ومن مخلفات تلك العصور ما يظنه بعض الناس من أن الإسلام يدعو إلى الفقر والحقيقة خلاف ذلك، فالإسلام يدعو إلى الزهد في الدنيا، ومعنى الزهد في الدنيا ألا يتعلق قلب الإنسان بها فتضره في دينه وآخرته .
فالإسلام لا يدعو إلى الفقر، ويكفي في ذلك قول النبي عليه الصلاة والسلام: اليد العليا خير من اليد السفلى .
أما نبينا عليه الصلاة والسلام فلا شك أنه كانت لديه -بوصفه قائدا للأمة الإسلامية- موارد كثيرة تجعله من الأغنياء، وقد بين الله تعالى ذلك بقوله: ووجدك عائلاً فأغنى .
ولكن النبي عليه الصلاة والسلام لم يكن -وحاشا أن يكون- له تعلق قلبي بشيء من تلك الأموال الطائلة التي كانت تأتيه، فكان يقتصر منها على ما يكفيه وأهله فقط، وينفق الباقي كله في مصالح المسلمين وبناء الدولة وإعداد الجيش وإعانة المحتاجين وهكذا حتى مات رسول الله صلى الله عليه وسلم ودرعه مرهونة كما صح في الأحاديث .
وأما كون طعامه التمر والعسل فليس بصحيح بل كان غالب طعامه الأسودان التمر والماء ، فإن وجد العسل أكل منه، وإن وجد اللحم أكل منه وهكذا فطعامه صلى الله عليه وسلم كان بحسب الموجود عند أهله .
وأما حجراته فلله درها من حجرات إنها بمجموعها كلها لا تساوي في المساحة منزلاً واحداً يمتلكه عامة الناس في زماننا، وأمّا من حيث الجلالة والبركة والأثر فتلك حجراتٌ جعلها الله منارات للدنيا إلى قيام الساعة والله الموفق.
والله تعالى أعلم |
