الفقه الإسلامي - ما يخص الفقه و أصوله - ما يخص الفقه - أسئلة لاتتعلق بحكم
رقم الفتوى 11735
نص السؤال مختصر

لِمَ نرى عامة العلماء أشحاء بخلاء ؟

نص السؤال الكامل
الجواب مختصر
الجواب الكامل

بسم الله والحمدلله والصلاة والسلام على رسول، أما بعد :
فإن السؤال يتردد بين حالات أربع :
الأولى :أن يكون العالم شحيحاً على أسرته، ويقصد به أن ينقصهم حقهم من النفقة، فحينئذٍ هو آثم، وليس عالماً أصلاً، إذ فعله خالف قوله وأمر ربه، ولا يُعلم من العلماء من يهضم حق أسرته إطلاقاً، لأنه يعلم أنه مسؤول أمام ربه، وأن الظلم ظلمات يوم القيامة، ولكن قد يتوهم بعض الناس أنه يشحّ على أهله بميزان إسرافهم هم، وفرق كبير بين الإسراف والتبذير وبين النفقة الواجبة.

الثانية، أن يُقصد شح العالم على نفسه :
وهذا لازم عند كل عاقل، فهو يدخر من ماله لئلا يحتاج أحداً فتنزل قيمة العلماء من أعين الناس.
وليتمكن من التصدق، إذ العالم يعلم تماماً عظم نفع الصدقة، فلا يتركها بحال.

الثالث، أن يُقصد رثاثة ثيابه :
وهذا غير صحيح، وقد التقينا بكمٍّ كبيرٍ من العلماء وغالبهم على اختلاف حالتهم المادية قد اتخذوا لأنفسهم الجميل من الثياب تأسياً به صلى الله عليه وسلم، إلا من اشتد فقره فحينئذ الأمر قد خرج عن إرادته، وكما هو معلوم أن الحكم للغالب.

الرابع، أن يُقصد عدم رؤية العالم يتصدق :
وهذا مرجعه ثلاثة أمور :
الأول، إن الصفة العامة للعلماء وطلبة العلم الفقر ، إلا قلة منهم قد منَّ الله عليهم بالمال، وذلك لأن طلب العلم يحتاج لتفرغ ويحتاج للكثير من الكتب، ومعلوم عظم تكاليف اقتناء الكتب الشرعية خاصة.

الثاني : إنهم إن تصدقوا أخفوا صدقتهم في الغالب، خوفاً من الرياء، وسعياً لأن يكون لهم عند الله سرٌ يتولاهم الله به عند الشدائد، غير أن بعضهم يعمد إلى إظهارها لتشجيع الناس على الصدقة.

الثالث : إنهم وإن كانوا أغنياء، فلا يخضعون صدقتهم للعاطفة، بل للعقل، فصدقتهم تتبع لفقه الأولويات، فهم حريصون جداً على وضعها في المكان المناسب، وأن تُستثمر أفضل استثمار، لذا هم قد يمتنعون عن الصدقة عندما تتسابق الناس للتصدق، وما ذلك إلا لعلمهم أن لصدقتهم مكاناً آخر تنمو فيه أكثر، وتدوم فترة أطول.
والله تعالى أعلم.

تاريخ النشر بالميلادي 2019/09/15

المفتي


الأستاذ الدكتور محمد مصطفى الزُحَيلي

الأستاذ الدكتور محمد مصطفى الزُحَيلي

السيرة الذاتية
المحتوى الخاص به