الفقه الإسلامي - ما يخص الفقه و أصوله - ما يخص الفقه - أسئلة لاتتعلق بحكم
رقم الفتوى 11699
نص السؤال مختصر

 لم يتنازع الخلق؟

نص السؤال الكامل
الجواب مختصر
الجواب الكامل

بسم الله والحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:

إن البعد عن الدين والتدين عاد على الأمة بكوارث جمة، نذكر منها واحدة قل ما يُتكلم عنها
ألا وهي تحول الحقائق المطلقة لنسبية ، والغاية من ذلك التهرب من الأحكام العقلية والشرعية الثابتة، مثاله :
الحكم على الأفعال، فالراقصة مثلا ترى عملها فناً يُحترم، والممثلة تؤمن بأن عملها مقدس وله رسائل سامية يجب السعي لإيصالها مهما كلفها من تعرٍ ومن قبيح القول والفعل، وهي تؤمن حقيقة بأن ذلك لاحرج فيه، في المقابل نرى غيرهما يُنكر عليهما فعلهما ولعل إنكاره مرجعه العادات والتقاليد لا أكثر، بل لعل المنكر ذاته يفعل ما يؤمن بصحته . وتؤمن كل من الراقصة والممثلة بخطئه، وإن نظرنا للصورة من بعيد نرى أن هناك طرفين مختلفين في الحكم على الوقائع، بعضهم يراها صواباً وبعضهم ينكرها، وما الاختلاف إلى لأن كلا الطرفين احتكم لما يراه هو أنه من الحق المبين، والله عز وجل حكيم يعلم أن عباده مختلفون فيما بينهم، وأنهم لن يجتمعوا على رأي واحد ما دامت السماوات والأرض، قال تعالى :{ ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة ولا يزالون مختلفين } هود[ 118 ]
لذا قال تعالى في كتابه :
{ فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خير وأحسن تأويلا (59) }
النساء[ 59 ]
فلابد أن يكون المعيار موحداً وإلا لما عُلم المخطئ من المصيب.
والحق الثابت الذي لايتبدل هو الشرع.
ومن جهة أخرى وإن سلك الطرفان الطريق ذاته فلن يسلما من أنفسهما، ومثاله :
إن المسلم العاصي يرى تدينه معتدلاً، بينما يرى الملتزم متشدداً!
والباحث يرى من دونه بقليل جاهلاً، ومن سبقه في دروب العلم متبجحاً.
كذا من أقدم على تصرف يراه رجولة، فيصف من لم يفعله بالطفل الوضيع.
وخلاصة القول : إن الاحتكام للنفس الأمارة بالسوء أو العادات أو التقاليد الفاسدة يضر و لا ينفع، وإن ظننا أننا على خير، لأن الحقائق ثابتة لا تتغير.
فمن فعل ذلك ظن أن كل من يخالفه على خطأ وهذا خطأ فاضح يتنزه عنه كل عاقل.
والله من وراء القصد.
والله تعالى أعلم.

تاريخ النشر بالميلادي 2019/09/07

المفتي


الأستاذ الدكتور محمد مصطفى الزُحَيلي

الأستاذ الدكتور محمد مصطفى الزُحَيلي

السيرة الذاتية
المحتوى الخاص به