العقيدة الإسلامية - العقيدة - الإيمان و التوحيد - أركان الإيمان
رقم الفتوى 11642
نص السؤال مختصر

كيف أرضى بما قسم الله لي وأنا أرى من حولي ينعمون بما تتمناه نفسي ؟

نص السؤال الكامل
الجواب مختصر
الجواب الكامل

بسم الله والحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد :
فمن آمن بأن الله حكيم عليم لم يسخط إن منع الله عنه ما أراد، ومن حكمة الله أن يمنع عقوبة أو امتحاناً، وإن قلنا عقوبة فعلى المرء أن يراجع نفسه، وأن يصلح ما أفسده.
وإن قلنا امتحاناً فمن حكمته تعالى ألا يقسم الرزق بين عباده بالتساوي، قال تعالى

{ ولو بسط الله الرزق لعباده لبغوا في الأرض ولكن ينزل بقدر ما يشاء إنه بعباده خبير بصير } الشورى[ 27 ]، والرزق بمفهومه الضيق هو المال، ولكن الرزق في الحقيقة يشمل كل عطاء من الله، فالعافية رزق، والأهل رزق، والأعمال الصالحة رزق، وقس على مثل ذلك، ومفهوم المخالفة أنه يشمل كل منع، فمنع المرض رزق، ومنع الضرر عن الأهل رزق، الخ، فإن علمنا ضرورة التفاوت بين العباد بالرزق رضينا بما قسمه الله لنا، قل أم كثر، وهي مرتبة إيمانية عالية، تقتضي منع الحسد، فالمؤمن إن رأى من يفضله بأمر معين فيقول إن كان هذا الأمر عاقبته الجنة فما ينتظره خير مما أخذ في الدنيا، {فينتقل حينئذ من الحسد للغبطة والغبطة تورث الاجتهاد في بلوغ أعالي الجنة، أما الحسد فصاحبه مستحق للعذاب الأخروي }.
وإن كان هذا الأمر الذي فضله الله به عاقبته جهنم، فلا خير في امتلاكه ولا بامتلاك ماهو خير منه.
ومما يساعد على بلوغ النفس حالة الرضى والسكينة :
١- قوله صلى الله عليه وسلم :{ انظروا إلى من هو أسفل منكم، ولا إلى من هو فوقكم ؛ فإنه أجدر أن لا تزدروا نعمة الله عليكم }، فمن اشتاق لأهله فليذكر أن من أقرانه من فقدوا أهليهم أمام أعينهم فهم لشوقهم أكبر، ولامتناع رؤيتهم آَكد، ومن اشتاق لميته فليحمد الله أنه مات على الإسلام فترجى له المغفرة، ومن قل المال في يده فليحمد الله أنه مازال بعافية يعمل ويكد، ومن آلمه المرض فليحمد الله أن مرضه خير من مرض غيره، ومن أصابه مرض مميت فليحمد الله أن ألمه كفارة لذنوبه وأن موته شهادة، ومن كثرت عليه ديونه فليحمد الله أنها لم تتراكم عليه بسبب ما حرم فعله، ومن ضاق عليه بيته ملكاً أو أجاراً فليحمد الله أنه لم يكن ممن بات في المخيمات الحدودية تغطيه ثلوج الشتاء.

٢- قراءة القرآن، إذ القرآن يقوّم سلوك القارئ ويعده للحياة الأخروية، ومن كان همه الآخرة زهد في دنياه، ولايقصد بذلك ترك الملذات وعمارة الأرض، بل معناه أن قارئ كتاب الله لاتتمكن الدنيا من قلبه.

٣- ورد يومي من ذكر الله، قال تعالى :{ ألا بذكر الله تطمئن القلوب } الرعد[ 28 ].

٤- الدعاء، قال تعالى :{ وقال ربكم ادعوني أستجب لكم } غافر[ 60 ]
نسأل الله أن يجعلنا ممن رضوا بالله رباً، وبالإسلام ديناً، وبمحمد صلى الله عليه وسلم رسولاً.
والله تعالى أعلم.

تاريخ النشر بالميلادي 2019/08/30

المفتي


الأستاذ الدكتور محمد مصطفى الزُحَيلي

الأستاذ الدكتور محمد مصطفى الزُحَيلي

السيرة الذاتية
المحتوى الخاص به