الفقه الإسلامي - الأحوال الشخصية - الزواج - أحكام الزواج والأسرة
رقم الفتوى 11625
نص السؤال مختصر

لم الكثير من الرجال يفكرون في تعدد الزوجات مع أن زوجة كل واحد منهم تقوم بواجبها تجاه زوجها على أكمل وجه ؟ وما حكم التعدد ؟ وماهو الحياء المذموم لدى المرأة ؟ وكيف أمنع زوجي من التعدد ؟

نص السؤال الكامل
الجواب مختصر
الجواب الكامل

بسم الله والحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد :
فإن هذا الأمر مما يحدث به نفسه الكثير من الرجال،  وفي الغالب تكون الشهوة هي دافع الرجل نحو التعدد.
وإن قلنا بأنها الشهوة فسبب عدم كفايته بامرأة واحدة يعود لثلاثة أسباب :
فإما إن الزوجة مقصرة في حق زوجها، وتظن أنها تقوم بواجبها.
وإما إن الزوج غير منضبط بضوابط الشرع، كإطلاقه بصره أو تكوينه لعلاقات محرمة.
وإما إن الزوج لديه شهوة زائدة على أمثاله من الرجال.
وقد تجتمع الأسباب الثلاثة مع بعضها البعض في حالة واحدة ولكن بنسب متفاوتة، وقد لاتجتمع .
والغالب كون السبب الأول هو العامل الرئيس في فكرة التعدد،
فالزوج يرى النساء بأبهى حلة في كل مكان وفي كل حين، على هاتفه { أي على وسائل التواصل }، وفي طريقه، وفي عمله، وجميعهن يتعمدن إثارته، بل يتفنن في ذلك، فإن اتقى الله وغض الطرف فينبغي على الزوجة أن تعوضه وإلا فقد أعانته على التفلت، وإن قلنا عليها أن تعوضه فالقصد التعويض في كل حين، كما يرى النساء في كل حين.
والتعويض يقصد به إشباع الحاجة الجسدية و إشباع حاسة البصر.
ويعوق إشباع هاتين الحاجتين في الغالب حياء المرأة، والحياء قسمان : محمود وهو الخلق الحسن الذي يرفع من قدر المرأة، ومطلوب منها في حياتها اليومية، و حياء مذموم وهو ما يحرم الزوج من حقه ومن متطلباته.
وهذا منتشر عند الفئة المتدينة من المجتمع، فالمرأة المتدينة غالباً ما تفشل في الفصل بين الحياء المحمود والمذموم، لذا نجد تخوفاً كبيراً عند شبابنا من الزواج بفتيات ملتزمات، إذ أغلبهن لديهن هذه المشكلة.
والواقع يشهد لذلك فترى غالب النساء في بيوتهن لايهتممن بمظهرهن إلا في المناسبات، وعند اهتمامهن فغالباً لايصلن لمستوى الإغراء الحاصل في الطرقات فضلاً عما يبث في القنوات.
ويجب شرعاً أن يشبع كلٌّ من الزوجين حاجة الآخر، وإلا أثم وكان سبباً في فساد المجتمع.

وقد يكون الزوج مطلقاً لبصره أو يقيم علاقات محرمة سواء على الشابكة أو على أرض الواقع، وفي كل الحالات فإن العلاج هو قيام الزوجة بواجبها، والدعاء له والتصدق على نية أن يجتبيه الله تعالى، مع العمل على أخذه لمجلس علم أسبوعياً أو إسماعه ذلك عبر وسائل التواصل، وإبعاده عن صاحب السوء، ووعظه م قبل من يمون عليه لعله يرتدع.

وقد تتطلب شهوة الرجل التعدد، مع أنه ملتزم بدينه وزوجته تقوم بحقه، فحينئذ عليها أن تجاهد نفسها بتقبل الواقع، فإن في زواجه من ثانية حفظاً لأسرة الأولى، لأنه ليس للزوج إلا أن يتزوج أو يتفلت، والتفلت يدمر أسرته بلا شك، بينما زواجه من أخرى بنية الإحصان وتقبل الأولى ذلك بنية إعانته على حفظ نفسه وبنية حفظها لأسرتها من الضياع فسيعينه الله على العدل وسينزل الله سكينته على قلبها ويعينها على التأقلم مع واقعها.
والتعدد جائز وإن كانت تقوم بحقه وإن كان يريد التعدد دون أي سبب شرط العدل، وإن كانت المرأة بفطرتها تكره التعدد، فالله الذي فطرها على ذلك هو من أباح التعدد، ومن يؤمن بأن الله حكيم عليم يعلم أن الله شرعه لحكمة، قال تعالى { كتب عليكم القتال وهو كره لكم وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم }، ثم ختم تعالى الآية بقوله { والله يعلم وأنتم لا تعلمون } البقرة[ 216 ].
وهذه الآية وإن نزلت في القتال إلا أنه يُقاس عليها غيرها من الأحكام.
ومن حكم تشريع التعدد حماية المجتمع من الفساد والانحلال الأخلاقي، فهو يتدارك على الزوجة المقصرة بحماية أسرتها من الدمار ، ويشبع شهوة الرجل ويحميه من التفلت، ويحمي الزوجة الثانية من التفلت، إذ من المعلوم أن عدد النساء يزيد على عدد الرجال، ثم يقل عدد الرجال جراء الحروب والجرائم وغير ذلك، فهذه الزيادة من النساء إما أن تتفلت لتشبع حاجتها الجسدية، أو تصبر وتُحرم منها، وإما أن تكون زوجة ثانية، وأي عاقل يرجح الخيار الثالث، وإن كانت تكره الزوجة الأولى، إذ في التعدد مصلحة مجتمعية، ومصلحة المجتمع تُقدم على مصلحة الفرد حتى في الدول الأوربية التي لاتحكم بشريعة الإسلام ، ولكن الفرق أنهم يستحلون الزنا، ويحرمه الله تعالى.
والتعدد من جملة الابتلاءات التي يبتلى بها المسلم، وخص هذا البلاء بالمرأة كما خص ابتلاء القتال بالرجال.
والبلاء سنة الله في خلقه وبها يتمايز العباد عند ربهم.
قال تعالى : { أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون } العنكبوت[ 2 ].

أخيراً، ينبغي على الأهل توعية بناتهم قبل الزواج على هذه الأمور، وتعليمهن كيفية التعامل مع الزوج، وإلا فهم يدفعون ببناتهم نحو الطلاق قصدوا ذلك أم لم يقصدوا.
نسأل الله أن يصلح بيوت المسلمين.
والله تعالى أعلم.

تاريخ النشر بالميلادي 2019/08/27

المفتي


الأستاذ الدكتور محمد مصطفى الزُحَيلي

الأستاذ الدكتور محمد مصطفى الزُحَيلي

السيرة الذاتية
المحتوى الخاص به