الفقه الإسلامي - الآداب و الأخلاق و الرقائق - الآداب - ما يتعلق بالوالدين و الأرحام و عامة الناس
رقم الفتوى 11558
نص السؤال مختصر

الرد على من أجاز المصافحة بين الرجل والمرأة في الدول الغربية.

نص السؤال الكامل

ما حكم المصافحة ؟ فقد سمعت من بعض الشيوخ المقيمين في ألمانيا ممن يعملون في الجمعيات الإسلامية قولهم بأنه جائز ولكن أريد أن أتقين بدليل لأن معظم العلماء والشيوخ المقمين خارج المانيا افتوا بأنه غير جائز , وهذه فتوى الشيخ الذي يعمل في الجمعية الإسلامية في ألمانيا ( حياكم الله أخي الكريم وبارك في حرصكم وهمتكم الطيبة بالنسبة لموضوع المصافحة نعم لم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه صافحة امرأة، وكذلك لم يرد عنه أنه نهى عن ذلك، والحديث الوارد في النهي إنما يفيد النهي عن مس المرأة التي لا تحل والمقصود هنا هو الجماع. إضافة إلى أن قضية المصافحة ليست من الكليات أو اص ول الدين بل هي من الفرعيات والجزئيات التي يجري فيها الخلاف بين من أجاز ومنع، ويبقى للمسلم حرية تقدير المصلحة في المصافحة من عدمها، وأنا اعلم أننا في كثير من الحالات نضطر لذلك اضطراراً. والله اعلم ) ؟

الجواب مختصر
الجواب الكامل

بسم الله، والحمدلله ،والصّلاة والسّلام على رسول الله، أمّا بعدُ :

فإن مصافحة الرجل للمرأة حرام شرعاً باتفاق المذاهب لأدلة كثيرة ، والعجب ممن ينازع في ذلك، فإن أوّل النصوص الواردة عنه صلى الله عليه وسلم، فلا مهرب له من القياس ، فإن حرم النظر للمرأة كيف يحل لمسها ؟
ثم إن جازت المصافحة على قوله جاز التقبيل ، ولافرق بينهما مطلقاً، لأن كليهما مما يجوز أن تظهرهما المرأة للرجال الأجانب على الصحيح - أي الوجه والكفان - فإن أجاز لمس اليد لعرفهم، فعليه تجويز التقبيل لعرف غيرهم، وإن أباح شرط أمن الفتنة مع العرف، فعليه تجويز التقبيل والعناق شرط أمن الفتنة، لأن كليهما مما يتعارف عليه الزملاء في دول الغرب.
ومن سلك مسلك التأويل الفاسد فسيجيز المساكنة بين رجل وامرأة ، مؤولاً قوله صلى الله عليه وسلم :
{لا يخلون رجل بامرأة} أن المقصود الخلوة بشهوة، فطالما لاشهوة بينهما فيجوز، ثم يمتد الحال به إلى التحلل من كل الأحكام التي ضاقت بها نفسه.

وتتأكد حرمة المصافحة في دول الغرب ، إذ مصافحته تشوه صورة إخوته المسلمين وتصفهم بالتشدد في نظر غير المسلمين، وقد قال صلى الله عليه وسلم : لاضرر ولا ضرار.
أما قوله جواز المصافحة لمصلحة، فإن بيّن أنها حرام في دينه وكانت المصلحة معتبرة شرعاً فله رخصة حينئذ ،
أما فعله لذلك مع علم غير المسلم بأن المُصافح مسلم أو متدين ففعله يشوه صورة إخوانه المسلمين كما سبق، ودرء المفاسد مقدم على جلب المصالح، ومصلحة الجماعة مقدمة على مصلحة الفرد.
أما قوله نضطر للمصافحة، فهو كذب، إذ لاقانون يجبره ولايعاقبه، إنما هو الحياء من غير المسلم، والحياء لاشك ليس من الضروريات ولا من الحاجيات التي تنزل منزلة الضرورة.
وأما عمل البعض بفتوى أحدهم بالإباحة مع علمهم أن الفعل محرم فلاشك في حرمة فعلهم، وأنهم سيسألون يوم القيامة، إذ جعل الله لهم رادعاً من أنفسهم وأبوا إلى التهاون في دينهم.
نسأل الله أن يصلح حال أمة سيدنا محمد، صلى الله عليه وسلم.
والله تعالى أعلم.

تاريخ النشر بالميلادي 2019/08/16

المفتي


الأستاذ الدكتور محمد مصطفى الزُحَيلي

الأستاذ الدكتور محمد مصطفى الزُحَيلي

السيرة الذاتية
المحتوى الخاص به