الفقه الإسلامي - الآداب و الأخلاق و الرقائق - الآداب - ما يتعلق بالوالدين و الأرحام و عامة الناس
رقم الفتوى 11517
نص السؤال مختصر

 ماحكم تدريس الرجل للمرأة أو مجموعة نساء ؟ وقد تتواصل إحداهن معه على وسائل التواصل فهل تُعد خلوة ؟ وما هي ضواط الاختلاط ؟

نص السؤال الكامل
الجواب مختصر
الجواب الكامل

بسم الله والحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله أما بعد :
فالحكم في أصله جائز ، فقد كان رسول الله صلى عليه وسلم يعلم النساء، وقد قالت النساء للنبي صلى الله عليه وسلم : غلبنا عليك الرجال، فاجعل لنا يوما من نفسك، فوعدهن يوما لقيهن فيه فوعظهن، وأمرهن.
حتى إنهن كن يأتينه يسألونه عما يخص النساء من أحكام، وقد روت عائشة رضي الله عنها، أن امرأة سألت النبي صلى الله عليه وسلم عن غسلها من المحيض، فأخبرها كيف تغتسل.
و لايُقال هذا الحكم يختص به صلَى الله عليه وسلم لأن التخصيص يحتاج لدليل، والأصل أن أفعاله عليه الصلاة والسلام تشريع لأمته كما هو مقرر عند الأصوليين.

وقد كان الصحابة يأتون نساء رسول الله صلى الله عليه وسلم فيتعلمون منهن حتى في أحكام الطهارة.
عن سليمان بن يسار ، قال : سألت عائشة عن المني يصيب الثوب، فقالت : كنت أغسله من ثوب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فيخرج إلى الصلاة، وأثر الغسل في ثوبه، بقع الماء.
والأمثلة في ذلك كثيرة.
ولجواز تدريس المرأة للرجل والعكس ثلاثة ضوابط لابد منها :
الأول، عدم الخلوة، لقوله صلى الله عليه وسلم : لا يخلون رجل بامرأة.
الثاني، غض بصر كل منهما، لقوله تعالى :{ وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن } النور[ 31 ]، وقوله تعالى :{ قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم } النور[ 30 ], ويجوز النظر العام والخاطف للتعلم, دون التعمق والتأمل.

الثالث، عدم الخضوع في القول والتكسير في الكلام، قال تعالى : { ولا يضربن بأرجلهن ليعلم ما يخفين من زينتهن } النور[ 31 ]، ووجه الاستدلال أن الآية تنهى عن الفتنة، وهي ذات العلة في منع الخضوع في القول والتكسير في الكلام.

فإن اختلّ شرط انتقل الحكم من الجواز للتحريم.

أما التواصل الخاص على وسائل التواصل فضابطه الضابط الثالث الذي سبق ذكره.
ولايُعد خلوة، إذ العلة في نهيه صلى الله عليه وسلم عن الخلوة لاحتمال وقوع الزنى أثناء لقائهما، وهو منفي على وسائل التواصل.
ولايُقال قد يتبادلان الصور المحرمة فيعد فعلهما زنى، لأنه وإن كان فعلهما محرماً، وإن كان يُعد من زنى النظر، لكنه ليس زنى حقيقي يوجب الحد، ثم إن حدث ذلك فيدخل تحت البند الثالث لأنه نتاج خضوعهما في القول.

والذي يُقصد به من مناقشة كل ماسبق هو التفريق بين الحكم الشرعي في أصله وبين الورع.

والذي ننصح به :
إن وجدت امرأة تفوق الرجل علماً أو تساويه فالأولى أن تتولى هي تدريس النساء.
فإن كان مستواها العلمي أقل منه، فالرجل عندئذ أفضل إن كان ممن يوثق بدينه وعلمه، ولاينبغي حينئذ العدول عنه لامرأة أقل منه علماً تورعاً، لأنه بذلك يكون ورعاً يمنع علماً، فيدخل فعلهن تحت الورع المذموم.
نسأل الله التوفيق لنا ولكم.
والله تعالى أعلم

تاريخ النشر بالميلادي 2019/08/06

المفتي


الأستاذ الدكتور محمد مصطفى الزُحَيلي

الأستاذ الدكتور محمد مصطفى الزُحَيلي

السيرة الذاتية
المحتوى الخاص به