الفقه الإسلامي - العبادات و ما يلحق بها - ما يلحق بالعبادات - النذر و الأيمان
رقم الفتوى 11316
نص السؤال مختصر

حكم من لم يستطع الوفاء بالنذر ؟

نص السؤال الكامل
الجواب مختصر
الجواب الكامل

يسم الله و الحمدلله و الصلاة و السلام على رسول الله، أما بعد :

النّذر هو إلزامُ مكلفٍ مختارٍ نفسَه لله تعالى شيئًا غير لازم بأصل الشرع، بكلِّ قولٍ يدل عليه.

❀ والنذر مكروه ولو كان عبادةً ، والوفاء به واجب.

فعَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضيَ اللهُ عَنْهُمَا عَنِ النَّبِيِّ ﷺ : أنَّه نَهَى عَنِ النَّذْرِ، وَقَالَ : « إِنَّه لاَ يأْتِي بخيرٍ، وَإِنَّمَا يُسْتَخْرَجُ بِهِ مِنَ البَخِيلِ » أي أنَّ البخيل لا يُخرج الصدقة، ولا يقدم على الإحسان إلاَّ بأمرٍ يكون لازمًا عليه، والنَّذر يضطره إلى ذلك.

❀ وممَّا يجعل النَّذر مكروهًا هو أنَّ النَّاذر يشارط الله تعالى، ويعاوضه على أنَّه إنْ حصل له مطلوبه، أو زال عنه ما يكرهُ، قام بالعبادة التي نذرها، وإلاَّ لم يقم بها، والله تعالى غنيٌّ عن العباد، وعن طاعاتهم.

وَلأَبِي دَاوُدَ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ مَرْفُوعًا: ( مَنْ نَذَرَ نَذْرًا لَمْ يُسَمَّ، فَكَفَّارَتُهُ كفَّارَةُ يَمِينٍ، وَمَنْ نَذَرَ نَذْرًا في مَعْصِيةٍ، فَكَفَّارَتُهُ كَفَّارَةُ يَمِينٍ، وَمَنْ نَذَرَ نَذْرًا لاَ يُطِيقُهُ، فَكَفَّارَتُهُ كفَّارَةُ يَمِينٍ).

وفي الحديث بيان أنواع النذور وهي :

١) أنَّ ينذر نذرًا مطلقًا، كأنْ يقول: لله عليَّ نذرٌ، ولم يسم شيئًا، أو لله عليَّ نذر إنْ فعلت كذا، وفعله، فهذا يجب عليه في حنثه كفَّارة يمين.

٢) أنْ ينذر فعل معصية من المعاصي، أو ترك واجب من الواجبات عليه، فهذا يجب عليه الحنث؛ لحديث: (من نذر أنْ يعصي الله، فلا يعصه)، ويجب عليه كفَّارة يمين عند الحنفية ،ولا يجب به كفارة عند المالكية والشافعية؛ لقوله ﷺ : « لا نذر في معصية الله، ولا فيما لا يملك العبد» رواه مسلم.

ولقوله ﷺ : «لاَ نَذْرَ إلاَّ فِيمَا ابتغي به وجه الله» رواه أبو داود.

٣)  أن ينذر نذرًا لا يطيقه ويشق عليه مشقَّة كبيرة؛ من عبادة بدنية مستمرة، أو نفقات من ماله باهظة، فعليه كفارة يمين؛ فقد أخرج البيهقي عن عائشة رضي الله عنها في رجلٍ جعل ماله للمساكين صدقة، فقالت: (كفارة يمين).

٤)  نذر التبرر؛ كالصلاة، والصوم، والحج، والعمرة، بقصد التقرب إلى الله تعالى، فيلزم الوفاء، سواءٌ نذره نذرًا مطلقا، أو علَّقه على حصول نعمة، أو اندفاع نقمة؛ كقوله: إنْ شَفَى الله مريضي، أو سَلِمَ مَالِي الغائب، ونحوه، فعليه كذا، أو حلف بقصد التقرب، كقوله؛ إنْ سلم مالي لأتصدقنَّ بكذا، فيلزمه الوفاء به إذا وُجِدَ شرطه.

ويخير من لزمته كفارة اليمين بين ثلاثة أشياء:

- إطعام عشرة مساكين.

- كسوة عشرة مساكين.

- تحرير رقبة مؤمنة.

فإنْ لم يجد بأنْ عجز عن العتق، والإطعام، والكسوة، فصيام ثلاثة أيَّام.

ولا ينتقل المكفِّر إلى الصوم إلاَّ إذا عجز؛ لقوله تعالى : {لَا يُؤَاخِذُكُمُ الله بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ} [المائدة: 89]

والله تعالى أعلم.

تاريخ النشر بالميلادي 2019/06/15

المفتي


الأستاذة ربا حافظ

الأستاذة ربا حافظ

السيرة الذاتية
المحتوى الخاص به