الفقه الإسلامي - العبادات و ما يلحق بها - الصيام و الاعتكاف - الصيام
رقم الفتوى 11282
نص السؤال مختصر

أيهما المعتمد ؟ الحساب الفلكي أم الرؤية في الصيام والإفطار ؟

نص السؤال الكامل
الجواب مختصر
الجواب الكامل

الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيدنا محمد ، وعلى آله وصحبه أجمعين ، وبعد :

فإن السؤال عن بدء الصيام في أول رمضان ، وانتهائه بإعلان عيد الفطر و أول شوال . يختلف فيه العلماء منذ ألف سنة ويزيد ، وتتلخص آراؤهم في قولين أساسيين ، الأول : يأخذ بالحساب الفلكي بالاعتماد على ولادة القمر ، وهو لحظة اقترانه مع الشمس وانفصاله عنها بأن تسبقه ، ويتأخر عنها ، ويكون اليوم التالي هو أول الشهر القمري ،

ينسحب ذلك على جميع السنة والأشهر القمرية ، ويعتمد ذلك على النظام الإلهي الدقيق المحكم جداً جداً لنظام القمر وسيره في الفلك ، ولذلك يقرر علماء الفلك أنهم يستطيعون حساب ذلك لألف عام دون أدنى خلل  ، وأخذ بهذا الرأي مجلس الإفتاء الأوروبي وكثير من الجهات في العالم . بل وحتى بعض الدول ، ولذلك يحددون مسبقا بدء رمضان ، ويحددون كذلك مسبقٱ يوم العيد وأول أيام الفطر ، وهذا يتناسب مع ظروف وأحوال الدول والمسلمين في أوربا وأمريكا لمعرفة بدء الصوم ، والتحديد المسبق ليوم العيد ، لاعتبار ذلك يوم عطلة ، ويتحمس لهذا الرأي الكثيرون اليوم للأسباب السابقة ، وقياساً على تحديد أوقات الصلاة حسب نظام الشمس ، ومع التقدم العلمي للفلك ، ووسائل الاتصال الحديثة .

والقول الثاني : الاعتماد على رؤية الهلال في آخر كل شهر لمعرفة بدء الأشهر القمرية ، ومنها أول الصيام ورمضان ، وآخر الصوم وبدء شوال ويوم العيد ، ولا يمكن معرفة ذلك إلا مساء اليوم التاسع والعشرين من كل شهر قمري ، ويعتمد هذا القول على الأحاديث الشريفة الصحيحة " صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته " ، وهو ما يسير عليه المسلمون طوال التاريخ حتى اليوم ، ويتأكد ذلك بقوله تعالى : " يسألونك عن الأهلة ؟ قل هي مواقيت للناس والحج " فالله سبحانه وتعالى جعل وخلق الهلال موعداً لمواقيت الصوم والحج وغيرهما ، وهذا القول هو الأقوى دليلاً ، والأرجح شرعياً .

و هناك خلاف آخر بين أصحاب القول الثاني في اعتماد اختلاف المطالع للقمر ، وأن يصوم أهل كل منطقة أو دولة حسب رؤيتها ، وإن اختلف المسلمون عملياً في بدء الصوم ، وفي عيد الفطر ، أو الأخذ بوحدة المطالع بأن يصوم الجميع بمجرد رؤية الهلال في إحدى البلاد الإسلامية ، والقول الأول هو الراجح حسب الواقع العملي وأحوال القمر .

والذي أفتي به الآن هو ما قرره مجمع الفقه الإسلامي الدولي باعتماد الرؤية ، والأخذ بوحدة المطالع ، وأن تعتبر الرؤية في مكة المكرمة هي الأساس لجميع المسلمين في العالم ، لأنها في منتصف الكرة الأرضية والعالم الإسلامي ، ولمكانة الكعبة فيها ، ولعنايتها الشديدة في الرؤية البصرية والتقنية بالمجاهر ، وبذلك يتوحد مسلمو العالم في بدء الصوم وفي عيد الفطر والأضحى وسائر الشهور القمرية ، والله من وراء القصد .

تاريخ النشر بالميلادي 2019/06/03

المفتي


الأستاذ الدكتور محمد مصطفى الزُحَيلي

الأستاذ الدكتور محمد مصطفى الزُحَيلي

السيرة الذاتية
المحتوى الخاص به