الفقه الإسلامي - قضايا فقهية معاصرة - مستجدات العصر - طبية
رقم الفتوى 10106
نص السؤال مختصر

حكم التبرع الإنسان بأعضائه لغيره ؟ وماحكم بيعها ؟ و ماحكم نقل أعضاء الميت ؟

نص السؤال الكامل

 هل يجوز شراء عضو من أعضاء الإنسان لزرعه في جسم مريض؟ 

الجواب مختصر
الجواب الكامل

بسم الله ، والحمدلله ، والصلاة والسلام على رسول الله ، وبعد : 

 لقد منَّ الله تعالى على البشرية بالتقدم العلمي المذهل في العصر الحاضر، وتمَّ اكتشاف طبيعة الأشياء المادية وتركيب الإنسان والحيوان، والصناعات الطبية، وانتشر في العصر الحاضر نقل الأعضاء وزرعها للإنسان عند الحاجة، ويجوز ذلك شرعاً ضمن قواعد وضوابط وشروط، وخاصة عند الحصول على مصدر الأعضاء أو الخلايا، ومع اختلاف الحالات والصور ، وهي :

1- البدء بالحصول على الأعضاء الصناعية كصمامات القلب، والركبة، وتركيب الصفائح، وبطارية القلب. 

2- الحصول على العضو من نفس المريض، وخاصة فيما يتجدد تلقائياً، ويعوضه الله سبحانه وتعالى بقدرته وحكمته وفضله، كالجلد ، والغضاريف ، والأوردة ، فهو جائز عند الحاجة والمصلحة وتوفر الخبرة، ومثله الظفر ، والشعر، وبعض النخاع، وبعض العظم.

3- النقل من غير المريض، فإن كان من حيوان مأكول اللحم ومذكى فيجوز مطلقاً، وإن كان غير مأكول اللحم ، أو مأكول اللحم ولكنه غير مذكى فيجوز عند الضرورة، ويأتي في آخر القائمة الخنزير لشدة خباثته.

4- النقل من إنسان حي كامل الأهلية، فيجوز النقل منه، وخاصة في الأعضاء أو الأجزاء التي تتجدد تلقائياً، كما سبق من نفس الشخص كالجلد، والدم، والشعر، وبعض النخاع، وما كان متعدداً في الجسم ويمكن الاستغناء عنه، ولا يعطل المنافع الأساسية كالكلية، بشرط أن يتبرع بها صاحبها طوعاً واختياراً، سواء كان من أقارب المريض، أم من غير أقاربه، ولا يقبل التبرع من القاصر، ولا تصح موافقة وليه في ذلك، لأنه لا سلطان له على جسم القاصر ، ولا يحق للولي التبرع من مال القاصر، فالجسم أولى . 

5- يجوز نقل الأعضاء من الإنسان الميت، إذا أذن بذلك قبل وفاته، وإلا يشترط موافقة أهله وأقاربه، فإن لم يكن له أقارب وأهل أخذت موافقة ولي الأمر. 

والإنسان لا يملك ، ولا يقدر بثمن، ولا يجوز بيع أعضائه نهائياً، ولكن لو امتنع الناس عن التبرع بالأعضاء، ورفضوا التعاون والإيثار، وكان المريض مضطراً للعضو، ولا يجد بديلاً صناعياً، ولا حيواناً، عنه ، فيجوز له الشراء ودفع الثمن للضرورة، لأن الضرورات تبيح المحظورات، ولكن يبقى الحرام على البائع، كالمضطر - ضرورة شرعية - للمال، ولم يجد سبيلاً للقرض أو غيره، فيجوز له الأخذ بالربا، ولكن يحرم على الطرف الثاني في ذلك؛ لأنه يجب عليه شرعاً وأخوياً وإنسانياً وأخلاقياً أن يتبرع به بدون مقابل، فإن أصر على البيع جاز مع بقاء الحرام عليه.

ولا مانع شرعاً من تقديم هدية مكافأة لمن تبرع بعضو من أعضائه جزاء إحسانه، لكن بدون شرط مسبق، بل بمبادرة من المريض أو من ذويه تقديراً لإيثار المتبرع وإحسانه، وشكرا على صنيعه، وهل جزاء الإحسان إلا الإحسان؟ ومن أسدى إليكم معروفاً فكافئوه، فإن لم تقدروا فادعوا له بخير ، والحمد الله رب العالمين.

والله تعالى أعلم 

 

 

 

 

تاريخ النشر بالميلادي 2018/11/12

المفتي


الأستاذ الدكتور محمد مصطفى الزُحَيلي

الأستاذ الدكتور محمد مصطفى الزُحَيلي

السيرة الذاتية
المحتوى الخاص به