الفقه الإسلامي - المعاملات المالية - متفرقات - غير ذلك ( معاملات )
رقم الفتوى 10100
نص السؤال مختصر

حكم السمسرة ؟

نص السؤال الكامل

زيد يبيع فضة بدولارين للغرام الواحد، ويريد رجل آخر ( عمرو ) أن يأخذ منه الفضة ويبيعها بثلاثة دولارات للغرام، ولكن عمروأ لم يشتر من زيد شيئاً بعد، وليست فضة زيد في يد عمرو، وإنما يريد أن يكون سمساراً بينه وبين من يشتري فضة، ويريد أن يربح في هذه المعاملة دولاراً واحداً من كل غرام أو أكثر أو أقل حسب ما يمكنه في السوق، وإن لم يستطع أن يبيع شيئأ مما أخذ من زيد فإنه يرد ما أخذه منه إليه، ويرضى زيد بهذا، والسؤال : هل هذه المعاملة جائزة؟؟ وهل تكون يد عمرو في هذه يد أمان ، أم يد ضمان؟؟

الجواب مختصر
الجواب الكامل

بسم الله ، والحمدلله ، والصلاة على رسول الله ، وبعد : 

فإنه يفهم من هذه الصورة أن الأول زيداً سيسلم الثاني عمرواً فضة بسعر دولارين للغرام ، ويقوم عمرو بالبيع  ويربح ما يشاء، فهو يقوم بدور السمسار أو الدلال بأجر، وأجرته بمقدار ما يربح بدولار أو أكثر أو أقل، فإن لم يبع شيئاً رد البضاعة كاملة إلى زيد الأول.

هذا التكييف يعني أن عمرواً الثاني وكيل عن زيد الأول باستلام الفضة، وأن وكالته بأجر غير محدد مبدئياً، وإنما بمقدار الزيادة على السعر الحقيقي( دولارين للغرام ) .

فالوكالة غير صحيحة عند المالكية والشافعية؛ لأن الأجر غير محدد ولا مقدر، وقد لا يبيع عمرو شيئاً فيذهب جهده سدى وبدون مقابل، فيكون مظلوماً ومتضرراً ، والشرع لايقبل الضرر ولا الضرار، ويرد المال كاملا للأول زيد، ويعرف ذلك بقفيز الطحان ، وهو أن يعمل الأجير أو الوكيل على أن يأخذ أجرته حصة من الطحين الذي سيطحنه ، وهو غير مقدر ولا محدد عند العقد، فلا يجوز.

وقال الحنفية والحنابلة بالجواز ؛ لأن الأجر غير محدد مبدئياً، ولكنه يتحدد في النهاية، والوكيل رضي بهذا الربح الذي سيحصل عليه، ويبذل الجهد في رفعه ما أمكن، وإلا فلا شيء له، وقاسوا ذلك على مشروعية المساقاة عند الجميع، وعلى والمزارعة عند القائلين بها أصالة أو تبعاً للمساقاة، فيقوم العامل بالعمل مقابل أجر غير محدد مبدئياً، على أن يأخذ الربع أو النصف ( حسب الاتفاق) من الإنتاج الحاصل ، وقد يكون كثيراً أو قليلاً، وقد لا ينتج الموسم شيئاً.

 والذي نفتي به هو القول الثاني للحنفية والحنابلة، للتسهيل على الناس، وللعرف الجاري ، وللتراضي ، ولقوة القياس على المساقاة والمزارعة، وإن احتمال الضرر قليل ونادر ، والقياس على قفيز الطحان قياس مع الفارق من جهة، وهو مختلف فيه أصلاً، فلا يصح القياس عليه.

وإن يد الدلال والسمسار ( عمرو) يد أمانة في الأصل ، والراجح في هذه المسألة أنه يد ضمان ؛ لأنه وضع يده على الفضة لمصلحته في بيعها والربح من وراء بيعها، فيكون مسؤولاً عنها، ليبذل الجهد الكامل لحفظها وعدم التفريط فيها، والله أعلم.

والله تعالى أعلم 

 

تاريخ النشر بالميلادي 2018/11/11

المفتي


الأستاذ الدكتور محمد مصطفى الزُحَيلي

الأستاذ الدكتور محمد مصطفى الزُحَيلي

السيرة الذاتية
المحتوى الخاص به