وسائل التواصل حجة لك لا عليك.

صادر عن الموقع

قدّر الله تعالى أن نُخلق في هذه الحقبة الزمنية وأن نُعاصر التقدم التقني المتسارع جداً ؛حتى صار لأغلب المسلمين - باختلاف أعمارهم - حساباتٌ على مختلف وسائل التواصل الاجتماعي. 
وهذه المنصات العالمية تُستخدم في تحقيق غايات أصحابها، وظاهر هذه الحسابات طابعها التخصص غالباً،من رياضيٍّ إلى فنيٍّ فطبيٍّ إلى غير ذلك، ومن البدهي أن تحمل أفكارَ ومعتقداتِ صاحبها مهما حاول أن يتجرّد عن ذاته ليلامس الحيادية في الطرح ، فإن كان مُلحداً أو مسيحياً طُبعتْ بصماتُ فكره على منشوراته وحالاته وتعليقاته بشكلٍ مباشرٍ أو غير مباشرٍ بقصدٍ أو من غير قصدٍ ،سواءٌ اقتصر الأمر على الفكر والمعتقد أم تخطّاه إلى السلوك ،وكلاهما يترك أثراً في نفس المُتابع من حيث علم أم لم يعلم ، بينما المتقصد لهذا الأمر يبثُّه بطرق علمية متقنة تزداد خبثاً ومكراً في المسلسلات و الأفلام . وهذا يعلمه كلُّ من درس التصوير كعلمٍ.

 

أمّا المسلمون فالحقُّ أنهم في ذلك ثلاثة أقسام :

 

1-المهتمون بإصلاح الفرد والأسرة والمجتمع بما تيسّر لهم من علمٍ وفق منظورهم الإسلامي، وهؤلاء هم من نخصّهم بهذا المقال إن شاء الله تعالى .
2-والقسم الثاني هو أبعد ما يكون عن طرحنا، يدعو للتفلّت ضمن إطار عمله في منظماته و مؤسساته.
3-وثالثٌ ملتزمٌ دينيّاً في ذاته، مقتصرٌ في حسابه على نشر ما يتمتع به من موهبةٍ تملأ العين والسمع كتصويرٍ و شعرٍ و رسمٍ وغير ذلك، ومتابعوه مختلفو المشارب في المعتقد والسلوك، بين ملتزمٍ وغير ملتزم مسلماً كان أم كتابياً ، ملحداً عن شبهة أم عن شهوة ،وهذا التنوع يجعل استثمار هذه الحسابات غايةً في الأهمية ،لأن واحدهم يلهث خلف مايفيد منه . وبالتالي يحاول صاحب الحساب إخفاء التزامه الديني إرضاء لأذواق جميع المتابعين وخروجاً من فتح أبواب الجدال فيما بينهم.

 

 وهنا ينبغي التنبيه لثلاثة أمور :

 

الأول : إن الدعوة لاتنحصر في الحثِّ على العبادات، بل الأمر أعمُّ وأشمل ، والأنفع لهذه المنابر تصحيح المفاهيم الخاطئة ( في العلم والدين ) المنتشرة بين الناس ، بأسلوبٍ ذكي وغير مباشرٍ ،حيث نرى أسئلة الانستغرام المطروحة في بعض الحسابات يمكن استغلالها بطريقة فنية جميلة جداً يتقبلها صاحب كلِّ دينٍ وفكرٍ، وبذلك تتحول الحسابات لمنبرٍ إعلاميٍّ نافعٍ يهدم مايبنيه العابثون على صفحاتهم ، فيسهم في إصلاح ما يمكن إصلاحه .
الثاني : لايحتاج ذلك لتحصيل علميٍّ شرعيٍّ ، بل لإتقان مسألةٍ بجهدٍ فردي أو باستشارة مختصٍ لها.
الثالث : إنَّ الدعوة فنٌ و ذوقٌ، كما إنَّ انتقاء المنشورات واستعراض المواهب فنٌ و ذوقٌ.
أخيراً : ما ذكرته نابعٌ من حزني على ما نراه من عبث بعض المفسدين في معتقدات شبابِ و بنات المسلمين، ومانراه في المقابل من إهمال كثيرٍ من شباب المسلمين الجانبَ الإصلاحي في حياتهم العملية.
ولايمنعَنَّ أحدكم ما يراه في نفسه من تقصيرٍ .
و ينبغي تصحيح الصورة العالقة في أذهان البعض من أنَّ الداعية هو من يرتدي الأبيض والعمامة، طويل اللحية غليظ القول مقطّب الحاجبين، لايخرج من المسجد أبعد ما يكون عن الثقافة والعلوم الدنيوية !
والحقَّ أقول: إنَّ كثيراً من علماء هذه الأمة – قديماً وحديثاً - قد جمعوا بين العلوم الدينيّة والدنيويّة، وحسن القول والفعل.
ولعلك تشاهد اليوم كثيراً من الدعاة نالوا إلى جانب علومهم الشرعية شهاداتٍ عالية في الطب والهندسة واللغات وغيرها . فكم من شيخٍ طبيب وفقيهٍ معلّم وداعية مفكر .  
 فلِمَ لايُسخّر شبابنا مواهبهم في خدمة دين الله تعالى ؟
قال تعالى {وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون وستردون إلى عالم الغيب والشهادة فينبئكم بما كنتم تعملون} [التوبة : 105]

 

نسأل الله تعالى أن يجعل هداية خلقه على أيديكم.